...................................... قصة قصيرة بقلمي ( الكاتب عاطف عبد الله )
هاهو الفجر يبتسم أخيرا من خلف ستارة ليل شتوي طويل المقام من ليالي يناير.. تكبيرات الحق تصعد كالوهج من مآذن قاهرة المعز .. يغلق الشيخ مصحفه ..يهم من مقامه كي يتوضأ ..فلايقدر ..يحوقل ...يحاول ثانية ...يحوقل ...ينادي يأعلي صوته علي ابنه الوحيد في الغرفة المجاورة :
-- علي يا علي ...الحقني ياعلي
يهرول اليه مذعورا فاركا عينيه من غلفات سباته :
--- خير يا بابا مالك فيك ايه ؟
--- موش قادر يابني أقوم من مطرحي ..ومش حاسس برجلي خالص
ينحني علي قدميه يدلكها ..بلا فائدة ...يهزها ...بلافائدة ..تسقط دموع الأب علي خدي ولده وقد تيقن أنها بداية النهاية :
-- خلاص يابني ما تتعبش نفسك .. يظهر ان الأجل خلاص
يرد الابن مذعورا :
-- خلاص ايه يا بابا انا لازم أنادي لدكتور حالا
-- مفيش دكتور في الوقت ده يا ابني انا حاسس بنفسي ها تلي بسرعة الماية علشان أتوضأ
يبكي الابن ..يسرع ليأتيه بابريق واناء ..يتوضأ الشيخ ...يستقبل القبلة ..يدخل في الصلاة ...يهرول الابن الي غرفته ليمسك بجواله ويتصل بوالد صديقه في الكلية فهو طبيب ..فيوافق :
-- عشر دقائق ياعلي بابا جاي حالا وأنا معاه بالسياره ما تقلقش المسافة قصيرة من العتبة لباب الشعرية وهايكون خير ان شاء الله
يعود الي غرفة أبيه ..يجده ساجدا .. يمسح دموعه ..فوالده هو المتبقي له في دنياه بعد رحيل أمه منذ عشر سنوات ..فمن له ان رحل أبيه الشيخ الذي تخطي ربيعه السبعين بعامين ؟ ..يتملكه الخوف حين يري سجوده قد طال ...يدنو منه في لهفة ..لايشعر بهمسات صلاته التي تعود عليها ..يدنو منه أكثر انه لايسمع أنفاسه ..يخشي أن يحركه فيصدم بما وقع في قلبه من احساس قاتم بالفراق اللعين ..لكن لابد من تحريكه ..بالفعل يسقط الشيخ علي جنبه ...يتلقفه الابن وهو يبكي بكاءا حارا..تتبلل لحية أبيه الصالح بدموعه ..يمدده مستقبلا القبلة كما كان ...يدق جرس الباب ...يهرول اليه ..يفتحه ..ينزعج الطبيب وابنه من دموع علي ....يسرعون ثلاثتهم نحو غرفة أبيه ....الذهول يرتسم علي الوجوه ..نور ينبعث من جسد الشيخ ...يغمضون أعينهم من شدته...يحاول الابن الاقتراب من أبيه فلا يستطيع ..يحاول الطبيب فلا يستطيع ...يخرجون ..وهم يرددون الشهادتين ويصلون علي النبي ...يغلقون عليه الغرفة التي تبرق بالنور العظيم ...ينتظرون دقائق ...يختفي النور ...يعودون مسرعين الي الشيخ ...ليروه مبتسما ...فتتحول الدموع الي ابتسامات مطمئنة كتلك النفس التي عادت الي ربها راضية مرضية .
****************************
تحياتي لكم من القلب
الكاتب والشاعر
عاطف عبد الله
هاهو الفجر يبتسم أخيرا من خلف ستارة ليل شتوي طويل المقام من ليالي يناير.. تكبيرات الحق تصعد كالوهج من مآذن قاهرة المعز .. يغلق الشيخ مصحفه ..يهم من مقامه كي يتوضأ ..فلايقدر ..يحوقل ...يحاول ثانية ...يحوقل ...ينادي يأعلي صوته علي ابنه الوحيد في الغرفة المجاورة :
-- علي يا علي ...الحقني ياعلي
يهرول اليه مذعورا فاركا عينيه من غلفات سباته :
--- خير يا بابا مالك فيك ايه ؟
--- موش قادر يابني أقوم من مطرحي ..ومش حاسس برجلي خالص
ينحني علي قدميه يدلكها ..بلا فائدة ...يهزها ...بلافائدة ..تسقط دموع الأب علي خدي ولده وقد تيقن أنها بداية النهاية :
-- خلاص يابني ما تتعبش نفسك .. يظهر ان الأجل خلاص
يرد الابن مذعورا :
-- خلاص ايه يا بابا انا لازم أنادي لدكتور حالا
-- مفيش دكتور في الوقت ده يا ابني انا حاسس بنفسي ها تلي بسرعة الماية علشان أتوضأ
يبكي الابن ..يسرع ليأتيه بابريق واناء ..يتوضأ الشيخ ...يستقبل القبلة ..يدخل في الصلاة ...يهرول الابن الي غرفته ليمسك بجواله ويتصل بوالد صديقه في الكلية فهو طبيب ..فيوافق :
-- عشر دقائق ياعلي بابا جاي حالا وأنا معاه بالسياره ما تقلقش المسافة قصيرة من العتبة لباب الشعرية وهايكون خير ان شاء الله
يعود الي غرفة أبيه ..يجده ساجدا .. يمسح دموعه ..فوالده هو المتبقي له في دنياه بعد رحيل أمه منذ عشر سنوات ..فمن له ان رحل أبيه الشيخ الذي تخطي ربيعه السبعين بعامين ؟ ..يتملكه الخوف حين يري سجوده قد طال ...يدنو منه في لهفة ..لايشعر بهمسات صلاته التي تعود عليها ..يدنو منه أكثر انه لايسمع أنفاسه ..يخشي أن يحركه فيصدم بما وقع في قلبه من احساس قاتم بالفراق اللعين ..لكن لابد من تحريكه ..بالفعل يسقط الشيخ علي جنبه ...يتلقفه الابن وهو يبكي بكاءا حارا..تتبلل لحية أبيه الصالح بدموعه ..يمدده مستقبلا القبلة كما كان ...يدق جرس الباب ...يهرول اليه ..يفتحه ..ينزعج الطبيب وابنه من دموع علي ....يسرعون ثلاثتهم نحو غرفة أبيه ....الذهول يرتسم علي الوجوه ..نور ينبعث من جسد الشيخ ...يغمضون أعينهم من شدته...يحاول الابن الاقتراب من أبيه فلا يستطيع ..يحاول الطبيب فلا يستطيع ...يخرجون ..وهم يرددون الشهادتين ويصلون علي النبي ...يغلقون عليه الغرفة التي تبرق بالنور العظيم ...ينتظرون دقائق ...يختفي النور ...يعودون مسرعين الي الشيخ ...ليروه مبتسما ...فتتحول الدموع الي ابتسامات مطمئنة كتلك النفس التي عادت الي ربها راضية مرضية .
****************************
تحياتي لكم من القلب
الكاتب والشاعر
عاطف عبد الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق