الحوريَّةُ والقصْر
.
قُل لي يا سيِّدي...
ما الَّذِي جعل وجْهكَ كغروب الشَّمسِ...
حُمرة ؛
وبطْنكَ كنائمِ دَهْرٍ أرْدته السُّمنةُ...
صخْرةً ؛
أهُوَ النَّبِيذُ والدَّخْلُ الحرامُ...
أمِ الرَّفاهيةُ انساب الدِّفئُ إليكَ منها...
وحَسبتها نعيمًا، وهي من النَّارِ...
جَمْرة.
---
أنا يا سيِّدي امرأةٌ...
أرْهقها نوْمُ الأدغالِ والمنافي،
وصلبَ بطْنها الجوعُ والخبزُ الحافي.
ما مسَكْتْ يوْمًا كرَّاسةًَ،
ولا رافقْتْ صَفَّ مدْرسةٍ،
ولا عرفْتْ كيْف تُدَرَّسُ الحكمةُ...
لابنةِ خلاءِ جزيرةٍ ؛
ولا عرفْتْ كيْف تُنتزع حبَّةُ قمحٍ...
من منقار طيرٍْ ؛
ولا كيف تُسْلب خزينةُ نمْلٍ...
كدَّ في جمعها، راحةً أَظنّْ.
---
أنا يا سيِّدي...
وُلدْتُ حرَّةً... أرافق الأطيار،
وأرفْرف زهْواً مع الفراش ؛
سقْفيَ سماءٌ وديثاري أرضٌ...
عطْري زهرُ برتقالٍ...
وياسمينٌ وورد.
---
لكنّي يا سَيِّدي...
حُوريّةٌ أكونُ... ولست طيرًا...
وجِسْمي النَّحِيلُ هذا...
اصفراره نوْمُ خلاءٍ...
وكمْ تجمَّدتْ أطرافي...
من صَفْع بَرَدٍ ونزلات برْدٍ قارِس.
ألْتحِفُ الثَّرى،
وأقتاتُ من طعام النوارس ؛
والأشْجارُ يا سَيِّدي...
من قُوَّةِ لكماتِ العصْفِ...
تُفارِق نسْلها، وأهلها خريفًا؛
وحينها...
يئنُّ مخزني منَ الجوعِ قهرًا،
وتصيرُ سلَّتي أدْفأَ مأوًى لأرْياحِ...
المكانس.
---
على الشَّطِّ هُناك ؛
اسْترقْتُ حديثَ قوْقعةٍ...
تحْكي للبحرِ عن حياةِ أميرِ...
القصْر.
عَجِبْتُ كيْفَ منْه عَيْشٌ...
واستعْصى عَليَّ فَهْمٌ...
كيْف يكون الأميرُ بخيلا...
وكيْف يكون الْمُتسَوِّلُ كريمًا...
كيْف لترابِ هذه الأرضِ أنْ يهنأ،
ولهواءِ السَّماءِ ألا يصْدأ ؛
كيْف للعدْلِ أن يرتاح نوْمًا،
والحقُّ بقوانينِ الأرضِ عدْمًا يشنق.
--
معْذرةً يا سيِّدي...
ففي قاموسي...
لم تُدرَجْ قوانينُ لغةِ الحسدِ...
وما تُغويني قلاداتٌ على أعناقِ جثثٍ...
ولا حلِيُّ ذهَبٍ على معاصِم هياكلٍ ؛
فالكنزُ بحوْزة الامبراطورِ... يقال حرامٌ...
والحرامُ لا يستهويني يا سيِّدي...
---
ومعْذرةً...
فلمْ آتيك لأدوِّنَ عنْك سِرًّا،
ولا جئتُكَ لأتسوَّل نعيمًا،
أو حتَّى خبزا أو زيتونًا؛
فأنا حوريةُ برٍّ وبحْر،
أغْزِلُ الحب بخيوطِ الطُّحْلبِ...
وريشِ أجْنحةِ النوارس ؛
وأُقْبِرُ الذُّلَّ ... عِزَّةً وكبرياءًَ،
تحْت صُخورِ الشَّطَّ...
وبين جُحور السِّباعِ والفوارس.
---
أنا يا سيِّدي... ما أتيْتُ إلا...
لأَطْمئِنَّ على تَجاويف قلْبك،
فقَد يكون بها خللاً،
أوعليلةً تشكو ضرْبةَ نحْس.
أتيْتُ لأَتفقَّد ضميرك،
فرُبَّما يُعاصرُ الموت،
وكمِثْل هيْكلِكَ... لا يحْتاج التَّوبيخ،
فهو يشبه جُثَّة خنزيرٍ...
والخنازيرُ يا سيِّدي نتنةٌ...
ولا تسْتهويها نظافة الضَّمير.
---
أنا يا سيِّدي أتيْتكَ...
لأقارنَ عقْلَ الحُوريَّاتِ بعقْلك ؛
وكيْف لجُثَّةِ ضَبٍّ...
أن يكون فيها عقلٌ...
يُحسِن التَّدبير.
سمعتُ أنَّك تنام فوْق الرِّيش ،
وكيْف للأطيارِ أن تهنأ...
بعْد أنْ نام الثَّعلبُ على أشْرعَتها...
و أنجَسها بالتدنيس .
جئتُكَ لأتفقَّد أحْوالك،
فرُبَّما تكون مُسْتاءً أو محتاجًا،
وجُدْران الخلاءِ... يا سيِّدي...
لا يُسْمعُ لها صوْتٌ،
والأفاعي في الصَّحَارِي...
تموتُ مُعَلَّقةً...
على أبْوابِ جُحورِ الفئرانِ...
والسَّحالِي.
---
أنا ماضيةٌ يا سيِّدهُمْ...
وتذَكَّرْني... فقد تحتاجني...
ساعة الحشْر.
أو تَتذكَّرَ يومًا أنْ تبْتاعَ منِّي...
تذاكِر معْذرةٍ...
فرُبَّما... أوْ قدْ أُسامحُكَ وأُناوِلكَ واحدةً...
فكمِثْل قُصور الأباطِرةِ...
لي واحدٌ...
وقدْ أحتاجكَ لما قدْ...
يعْلقُ بي منْ ذنْبِ هذا الحديثِ...
للغسْل أوِالكنس.
_____________
حكيمة العطيوني/المغرب
.
قُل لي يا سيِّدي...
ما الَّذِي جعل وجْهكَ كغروب الشَّمسِ...
حُمرة ؛
وبطْنكَ كنائمِ دَهْرٍ أرْدته السُّمنةُ...
صخْرةً ؛
أهُوَ النَّبِيذُ والدَّخْلُ الحرامُ...
أمِ الرَّفاهيةُ انساب الدِّفئُ إليكَ منها...
وحَسبتها نعيمًا، وهي من النَّارِ...
جَمْرة.
---
أنا يا سيِّدي امرأةٌ...
أرْهقها نوْمُ الأدغالِ والمنافي،
وصلبَ بطْنها الجوعُ والخبزُ الحافي.
ما مسَكْتْ يوْمًا كرَّاسةًَ،
ولا رافقْتْ صَفَّ مدْرسةٍ،
ولا عرفْتْ كيْف تُدَرَّسُ الحكمةُ...
لابنةِ خلاءِ جزيرةٍ ؛
ولا عرفْتْ كيْف تُنتزع حبَّةُ قمحٍ...
من منقار طيرٍْ ؛
ولا كيف تُسْلب خزينةُ نمْلٍ...
كدَّ في جمعها، راحةً أَظنّْ.
---
أنا يا سيِّدي...
وُلدْتُ حرَّةً... أرافق الأطيار،
وأرفْرف زهْواً مع الفراش ؛
سقْفيَ سماءٌ وديثاري أرضٌ...
عطْري زهرُ برتقالٍ...
وياسمينٌ وورد.
---
لكنّي يا سَيِّدي...
حُوريّةٌ أكونُ... ولست طيرًا...
وجِسْمي النَّحِيلُ هذا...
اصفراره نوْمُ خلاءٍ...
وكمْ تجمَّدتْ أطرافي...
من صَفْع بَرَدٍ ونزلات برْدٍ قارِس.
ألْتحِفُ الثَّرى،
وأقتاتُ من طعام النوارس ؛
والأشْجارُ يا سَيِّدي...
من قُوَّةِ لكماتِ العصْفِ...
تُفارِق نسْلها، وأهلها خريفًا؛
وحينها...
يئنُّ مخزني منَ الجوعِ قهرًا،
وتصيرُ سلَّتي أدْفأَ مأوًى لأرْياحِ...
المكانس.
---
على الشَّطِّ هُناك ؛
اسْترقْتُ حديثَ قوْقعةٍ...
تحْكي للبحرِ عن حياةِ أميرِ...
القصْر.
عَجِبْتُ كيْفَ منْه عَيْشٌ...
واستعْصى عَليَّ فَهْمٌ...
كيْف يكون الأميرُ بخيلا...
وكيْف يكون الْمُتسَوِّلُ كريمًا...
كيْف لترابِ هذه الأرضِ أنْ يهنأ،
ولهواءِ السَّماءِ ألا يصْدأ ؛
كيْف للعدْلِ أن يرتاح نوْمًا،
والحقُّ بقوانينِ الأرضِ عدْمًا يشنق.
--
معْذرةً يا سيِّدي...
ففي قاموسي...
لم تُدرَجْ قوانينُ لغةِ الحسدِ...
وما تُغويني قلاداتٌ على أعناقِ جثثٍ...
ولا حلِيُّ ذهَبٍ على معاصِم هياكلٍ ؛
فالكنزُ بحوْزة الامبراطورِ... يقال حرامٌ...
والحرامُ لا يستهويني يا سيِّدي...
---
ومعْذرةً...
فلمْ آتيك لأدوِّنَ عنْك سِرًّا،
ولا جئتُكَ لأتسوَّل نعيمًا،
أو حتَّى خبزا أو زيتونًا؛
فأنا حوريةُ برٍّ وبحْر،
أغْزِلُ الحب بخيوطِ الطُّحْلبِ...
وريشِ أجْنحةِ النوارس ؛
وأُقْبِرُ الذُّلَّ ... عِزَّةً وكبرياءًَ،
تحْت صُخورِ الشَّطَّ...
وبين جُحور السِّباعِ والفوارس.
---
أنا يا سيِّدي... ما أتيْتُ إلا...
لأَطْمئِنَّ على تَجاويف قلْبك،
فقَد يكون بها خللاً،
أوعليلةً تشكو ضرْبةَ نحْس.
أتيْتُ لأَتفقَّد ضميرك،
فرُبَّما يُعاصرُ الموت،
وكمِثْل هيْكلِكَ... لا يحْتاج التَّوبيخ،
فهو يشبه جُثَّة خنزيرٍ...
والخنازيرُ يا سيِّدي نتنةٌ...
ولا تسْتهويها نظافة الضَّمير.
---
أنا يا سيِّدي أتيْتكَ...
لأقارنَ عقْلَ الحُوريَّاتِ بعقْلك ؛
وكيْف لجُثَّةِ ضَبٍّ...
أن يكون فيها عقلٌ...
يُحسِن التَّدبير.
سمعتُ أنَّك تنام فوْق الرِّيش ،
وكيْف للأطيارِ أن تهنأ...
بعْد أنْ نام الثَّعلبُ على أشْرعَتها...
و أنجَسها بالتدنيس .
جئتُكَ لأتفقَّد أحْوالك،
فرُبَّما تكون مُسْتاءً أو محتاجًا،
وجُدْران الخلاءِ... يا سيِّدي...
لا يُسْمعُ لها صوْتٌ،
والأفاعي في الصَّحَارِي...
تموتُ مُعَلَّقةً...
على أبْوابِ جُحورِ الفئرانِ...
والسَّحالِي.
---
أنا ماضيةٌ يا سيِّدهُمْ...
وتذَكَّرْني... فقد تحتاجني...
ساعة الحشْر.
أو تَتذكَّرَ يومًا أنْ تبْتاعَ منِّي...
تذاكِر معْذرةٍ...
فرُبَّما... أوْ قدْ أُسامحُكَ وأُناوِلكَ واحدةً...
فكمِثْل قُصور الأباطِرةِ...
لي واحدٌ...
وقدْ أحتاجكَ لما قدْ...
يعْلقُ بي منْ ذنْبِ هذا الحديثِ...
للغسْل أوِالكنس.
_____________
حكيمة العطيوني/المغرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق